المغرب الكبير

قرقنة .. جزيرة صغيرة تنذر باحتجاجات كبيرة شرق تونس

تبدو جزيرة قرقنة، بمساحتها الصغيرة التي لا تتجاوز مساحتها 160 كلم والمحسوبة على ولاية صفاقس (شرق تونس)، مقبلة على أيام عصيبة بعد إصرار شبابها على التصعيد على خلفية فك اعتصام بشركة (بتروفاك) البريطانية التي تنشط في مجال التنقيب والاستغلال الطاقي، وتقيم فرعا لها في قرقنة، لكنها تهدد بالرحيل لتضيف عبئا آخر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة.

وقد تولد هذا التصعيد عن فك اعتصام بالقوة خاضه عاملون بالشركة لتحقيق مطالب اجتماعية، بعد تدخل أمني بطلب من الشركة التي تعرضت لخسائر بفعل هذا الاعتصام، أفضى أيضا إلى توقيف عدد من المحتجين، ما خلق أجواء من الاحتقان بلغت مداها، أول أمس الثلاثاء، بشل الحركة في المنطقة بفعل إضراب عام دعا إليه الفرع المحلي للاتحاد العام التونسي للشغل.

وحسب رواية نقابيين في قرقنة، التي تعد أبرز معاقل تأسيس الاتحاد العام التونسي للشغل، فإن الأزمة طفت على السطح منذ بداية سنة 2016 عندما أخذ معطلون عن العمل في الاعتصام ليوقفوا نشاط (بتروفاك) التي أحالت العاملين بها على “العطالة التقنية” منذ 22 فبراير الماضي. وبعد مرور 75 يوما، أعلنت الشركة عن حجم خسائرها وطالبت الحكومة بتطبيق القانون، وهذا ما استندت عليه حكومة الحبيب الصيد لمعالجة الأمر والمتمثل في الحل الأمني لفك الاعتصام.

وحذا هذا التصعيد بالصحافة المحلية إلى دق ناقوس الخطر التي علقت على الإضراب العام في قرقنة بالقول “إن الجولة الأولى في المواجهة بين حكومة الحبيب الصيد والمحتجين انتهت بتقدم واضح للغاضبين على الحكومة التي نشرت قوات لحماية الإقليم الأمني ومقرات الشركات البترولية في الجهة وتركت بقية الجزيرة بيد أهلها المتمسكين بالتصعيد إلى أن تتحقق كل مطالبهم”، مشيرة إلى أن المنطقة دخلت أوضاعا مبهمة جعل الحكومة “تنتظرها أيام صعبة في الجنوب التونسي، ولا خيارات أمامها إلا أن تدعو ربها أن ينجيها من القوم الغاضبين وأن لا تنتقل عدوى الاحتجاجات إلى بقية الجهات”.

وما ينبئ بأن المنطقة مقبلة على وضع مبهم، دخول الاتحاد العام التونسي للشغل بجهة صفاقس، بثقله التاريخي، ومعه حزب (الجبهة الشعبية) على الخط بدعمهما لمطالب المحتجين ولمطالب شباب الساكنة المحلية بالتشغيل وبتنمية المنطقة.

وحسب الصحافة التونسية فإنه “بالعين المجردة، يمكن للمتابع أن يستنتج، وبكل يسر، أن هذا الثنائي (الاتحاد والجبهة) هو من يقود حملة إرباك فعلية وخطيرة ضد حكومة الحبيب الصيد، وذلك من خلال ممارسة الضغط العالي عليها، اجتماعيا وسياسيا، والتعريض بها والتشكيك في مصداقيتها أمام الرأي العام الوطني، وفي قدرتها أصلا على أن تفي بتعهداتها ووعودها السياسية والاجتماعية، وبخاصة تجاه الشغالين والطبقات الضعيفة وأهالي الجهات المهمشة والمحرومة”.

وتعيد احتجاجات قرقنة إلى الأذهان الاحتقان الاجتماعي الذي عرفته مناطق واسعة من تونس، شهر يناير الماضي، بدأت في رقعة صغيرة من البلاد وبالضبط من ولاية القصرين (290 كلم غرب – وسط العاصمة)، وذلك للمطالبة بالتنمية والتشغيل في سياق ظرفية اقتصادية “صعبة” تمر منها البلاد، لتتوسع لتشمل عددا من ولايات البلاد منها العاصمة، إلا أن هذه الاحتجاجات تحولت مع مرور الوقت إلى مواجهات مع الشرطة والقيام بأعمال تخريب للمنشآت للخاصة والعامة، ما جعل السلطات تفرض حظرا للتجول.

وما يؤجج الوضع في قرقنة هو إصرار الساكنة على المطالبة بالإفراج عن الموقوفين الذين اعتقلوا خلال فض اعتصام بشركة (بتروفاك)، في وقت يواصل فيه المحتجون قطع الطرقات كما أظهرت ذلك صور التلفزيون، في وقت، كذلك، يتزايد التعاطف مع مطالب الساكنة المحلية.

وقد عبرت (الجبهة الشعبية)، في بيان لها، أول أمس، عن مساندتها لأهالي جزيرة قرقنة وللاتحاد المحلي للشغل وكافة القوى الديمقراطية والتقدمية بالمنطقة، وعن دعمها لمطالبهم في “إطلاق سراح كل الموقوفين وإيقاف المتابعات ضدهم وإيجاد حلول حقيقية لمشاكل التنمية بالجزيرة، بما يوفر مقومات العيش الكريم للساكنة، وخاصة للشباب الذي تدمره البطالة والفقر والتهميش”.

وتأتي هذه الاحتجاجات بعد هدوء نسبي لها على المستوى الوطني وفق تقرير حديث للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أفاد بأن التحركات الاحتجاجية الاجتماعية تراجعت خلال شهري فبراير ومارس الماضيين مقارنة بشهر يناير 2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *