جهويات | هام

الإدريسي: المقاومة الوطنية كان لها ارتباط خاص بالمقاومين الباعمرانيين

قال النائب الإقليمي للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بإقليم سيدي إفني المختار الإدريسي، إن حركة المقاومة الوطنية كان لها ارتباط “خاص” بالمقاومين الباعمرانيين بمنطقة سيدي إفني والذين كانوا في واجهة الكفاح والجهاد لتحرير ما ظل مغتصبا من التراب الوطني.

وأكد الإدريسي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة الاحتفال بالذكرى 47 لاسترجاع مدينة سيدي إفني (30 يونيو) إلى حظيرة الوطن واستكمال مسيرة التحرير ووحدة التراب الوطني، أن قبائل آيت باعمران قدموا، كسائر مناطق المغرب، الأمثلة الرائعة على روحهم النضالية العالية ومواجهتهم للوجود الاستعماري ومقاومتهم لكل مخططاته التي ترمي إلى طمس هويتهم.

وفي استرجاع تاريخي لفصول هذه الملحمة التاريخية واستحضار السياق التاريخي ليوم 30 يونيو 1969 تاريخ استرجاع سيدي إفني، أبرز الإدريسي أن قبائل آيت باعمران كانت منذ بداية الأطماع الأجنبية والغزو الاستعماري، بالمرصاد لكل محاولات التوغل والتوسع الأجنبي وواجهت مخططات المحتل وأطماعه بحكم الموقع الاستراتيجي للمنطقة ولاسيما منذ التوغلات الأولى للتجار الأوروبيين الذين حاولوا التوغل إلى سوس الأقصى وخاصة منطقة واد نون، فكان الباعمرانيون بالمرصاد وتطورت المقاومة مع تزايد الضغوطات الأجنبية التي أدت إلى احتلال المغرب من طرف فرنسا وإسبانيا إثر فرض معاهدة الحماية سنة 1912 .

وأشار ، في هذا السياق، إلى أن تأخير احتلال سيدي إفني وقبائل أيت باعمران من طرف الغزو الاستعماري إلى سنة 1934 يرجع إلى المقاومة الشرسة التي أبانت عنها هذه القبائل في تصديها لكل المحاولات الفرنسية التي عملت على إخضاع وضم جميع المناطق باستثناء قبائل أيت باعمران التي شكلت بفعل مقاومتها سدا منيعا ضد التوغل الفرنسي، ولذلك تم إثر انهزام المغرب في حرب تطوان سنة 1959 ، الاتفاق بين فرنسا وإسبانيا بأن تكون هذه المنطقة مستعمرة إسبانية.

ولمواجهة تحديات المستعمر وتطاولاته على مشاعر الباعمرانيين، يضيف المسؤول ذاته، استمرت المقاومة والجهاد عبر عدة محطات أهمها محاربة سياسة “التجنيس” التي حاولت السلطات الإسبانية فرضها على قبائل أيت باعمران لطمس هويتهم الدينية والوطنية، فانتفض الباعمرانيون واعتبروا هذه المحاولة ضربا لهويتهم المغربية وديانتهم الإسلامية فاستمر النضال والكفاح الذي ازداد مع نفي جلالة المغفور له محمد الخامس، مما كان له الأثر العميق على نفوس قبائل آيت باعمران فأصبحت مدينة سيدي إفني ملجأ للمجاهدين وأعضاء الحركة الوطنية وخزانا للمعدات والوسائل الحربية ومصدرا مهما لتزويد جيش التحرير بالسلاح وخاصة في الشمال، وذلك من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.

وبعد عودة جلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى تم الإعلان عن استقلال المغرب ولم يتم معه الإعلان عن استقلال منطقة سيدي إفني وبالرغم من ذلك حاول أهالي أيت باعمران التحضير للاحتفال بعيد العرش وبعيد العودة المظفرة للمغفور له محمد الخامس غير أن السلطات الاستعمارية الإسبانية واجهت ذلك بالقمع والتنكيل ونفي الباعمرانيين إلى جزر الخالدات مما ولد الضغط واندلعت عدة معارك منها معركة “الرغيوة” في 13 فبراير 1957 ، تلتها بعد ذلك انتفاضة آيت باعمران يوم 23 نونبر 1957 فتأججت المقاومة بالمنطقة التي أصبحت نقطة انطلاق عمليات جيش التحرير وهجوماته
وبذلك شكل تاريخ 23 نونبر 1957، يقول النائب الإقليمي، إيذانا بضرورة استرجاع كل الأقاليم المغتصبة فشن الباعمرانيون انتفاضتهم الكبرى ضد الإسبان وحققوا انتصارات وأجبروا القوات الاسبانية على التقهقر إلى مركز سيدي إفني الذي أصبح ثكنة عسكرية محاصرة لتستمر هذه المعارك الضارية إلى سنة 1958 حيث تم توقيع قرار لوقف إطلاق النار فتحركت الآلة الدبلوماسية بقيادة جلالة المغفور له الحسن الثاني لاسترجاع كل المناطق التي لم يتم تحريرها وإحباط كل المناورات فكان من نتائج ذلك استرجاع طرفاية (1958) وسيدي إفني في 30 يونيو 1969.

وأضاف أن تحرير مدينة سيدي إفني لم يكن إلا منطلقا لتقوية جهود المغرب لاستكمال واسترجاع باقي أجزائه المحتلة، حيث تكللت هذه الأعمال المتواصلة بمعجزة اندهش لها العالم أجمع تمثلت في إبداع جلالة المغفور له الحسن الثاني لمبادرة رائدة في ملاحم التحرير عندما قرر جلالته تنظيم مسيرة شعبية سلمية استقطبت آلاف المتطوعين وساندها أشقاء من العالم العربي والإسلامي ومن مختلف الدول وساروا في طلائعها يوم 6 نونبر 1975 فكان جلاء آخر جندي أجنبي عن الصحراء المغربية يوم 28 فبراير 1976.

وتبقى ذكرى استرجاع مدينة سيدي إفني محطة وضاءة لاستحضار أرواح شهداء ملحمة الاستقلال والوحدة، والإشادة بالصفحات المشرقة لأبناء قبائل آيت باعمران البررة الذين يحق الافتخار بما قدموه للوطن من أعمال جليلة سيظل التاريخ يحفظها لهم، ومنبعا لبث الروح الوطنية الأصيلة وكسب حصانة قوية لمواجهة كل التحديات والدفاع عن مقدسات الوطن وثوابته.

كما تعتبر هذه الذكرى معلمة مضيئة ووازنة في مسار كفاح الشعب المغربي من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية حيث استطاع أبناء قبائل آيت باعمران تحقيق النصر وصنع المعجزات على الرغم من محدودية إمكانياتهم، وتلقين المستعمر دروسا في التضحية والفداء والبذل والعطاء ونكران الذات.

وبمناسبة الاحتفاء بهذه الذكرى التي يخلدها الشعب المغربي، وفي طليعته أسرة المقاومة وجيش التحرير، أعلنت النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بسيدي إفني، أنها ستنظم يوم 30 يونيو الجاري بسيدي إفني، مهرجانا خطابيا تلقى خلاله كلمات وشهادات تستحضر الدلالات العميقة لهذه الملحمة الوطنية الخالدة.

ويتضمن برنامج إحياء هذه الذكرى الوطنية المجيدة تكريم صفوة من المقاومين وذوي حقوق المتوفين وتوزيع إعانات مادية.

وسيتم أيضا القيام بزيارة ضريح سيدي محمد بن عبد الله بمقبرة الشهداء بمركز مير اللفت نواحي سيدي إفني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *